إن ترك شئون الدعوة للارتجال، أو ترك الحبل على الغارب لأولئك الرجال في كل جزء من أجزاء المعمورة أمر يجب أن يتوقف فورا، ومنذ أنشئت هذه الهيئة المباركة فإن الدعاة الإسلاميين بعامة، والمبتعثين من دار الإفتاء بخاصة يتوقعون أن يتلقوا المزيد من الدعم والتأييد، وأن يجدوا زادا من الإرشاد يحملهم على العمل الدائب، ويزيح عنهم شبح الكسل الرهيب، ويشعل في داخل صدورهم ذبالة الأمل في متابعة العمل.
وإني أقدم لسموكم بعض الملاحظات الضرورية في هذا الصدد على ضوء ما عاينته وعانيت منه:
أ- موقف السفارات من الدعاة:
إن الشكوى مرة في حلوق الدعاة من بعض السفارات والقنصليات العربية في الخارج، (أقول من بعضها ولا أقول كلها، فهناك والحمد لله نماذج مشرفة للتعاون الإيجابي) لأن بعض هذه السفارات أو القنصليات لا تحترم عمل الداعي، إما قولا أو سلوكا، وإلا فدعوني أتساءل: هل من المروءة أن يدعو الداعية في المسجد أو غيره إلى طاعة الله والعمل بكتابه وسنة رسوله، بينما يعكف الديبلوماسيون على الخمر، ويتهاونون في أداء الصلاة، ويعبثون بكرامة الوطن وقدسية الدين؟ وما مقام الداعية حينئذ بينهم؟ وما موقفه أمام ربه؟ ثم أمام المساكين من أبناء قومه؟ هل يرفع عليهم السلاح؟ هل يجاهر بالإنكار لما يعملون؟ ثم ماذا يكون حاله لو سوّل لهم الشيطان فشوهوا صورته أمام جهة الابتعاث وكالوا لهم التهم جزافا؟ أو جعلوه سلفا ومثلا للآخرين؟ إن الدعاة محتاجون إلى ملحق ديني في كل سفارة يتابع عملهم، وينسق بينهم، ويحفظ كرامتهم ويحل مشكلاتهم، حتى ولو كلف أحد الدعاة بهذا العمل لتتحقق التبعية اللازمة المحققة لآمال الدعاة في تخطيط سليم ومباشر على أرض المعركة.