وابن سناء الملك يزيد في الصورة السالفة بأن يصف بلاء المسلمين في مقاتلة الصلبيين الذين جمعوا الأعداد الهائلة، والعدد المدمرة القاتلة، ولكن جيش المسلمين أسال دماءهم بحارا، واستحالة الموقعة إلى وليمة عرس، يرقص فيها السيف، ويغني فيها الرمح، وأسر صليب الصلبوت المقدس لديهم.
وأخيرا يبر السلطان صلاح الدين بيمينه فيقتل البرنس أرناط الذي كان يسخر من الدين الإسلامي الحنيف.
والصور الفنية نراها في تشبيه الشاعر جيش العدو بالجبال في ضخامته، وأن حملات السلطان صلاح جعلتها كالعهن، وهي صورة مقتبسة من القرآن الكريم في وصفه ليوم القيامة، حيث قوله تعالى:{وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} .
وهنا يخونهم سلاحهم، وفي هذا المجاز عن غلبتهم، وتفر خيولهم، ويتصيدهم السلطان ورجاله، وهنا تجري دماؤهم بحارا، وتستحيل الموقعة كما قلنا إلى وليمة عرس، يرقص فيها السيف ويغني الرمح..
وبعد أن استعرضنا ما قاله الشعراء في وصف المعركة نستطيع أن نقول بالرغم مما حملته هذه القصائد من معان مما أبدعه الشعراء من صور فنية، إن هذا كله لا يصل إلى مرتبة القاضي الفاضل الذي أعطى بوصفه لهذه المعركة لوحة فنية رائعة، مليئة بالزخارف والصور البديعية، بالإضافة إلى ما تحتويه الصور الدقيقة من تفاصيل المعركة، وقد رأيت هنا أن أعرض لفقرة من هذا الوصف لنستشف منه الصور الفنية لدى القاضي الفاضل، وهو: ((وكتاب الخادم هذا وقد أظفر الله بالعدو الذي تشظت [١٧] قناته [١٨] شفقا [١٩] ، وطارت فرقة فرقا، وفل سيفه فصار عصا، وصدعت حصاته [٢٠] وكان الأكثر عددا وحصى، فكلت حملاته، وكانت قدرة الله تصرف فيه العنان بالعيان [٢١] عقوبة من الله ليس لصاحب يديها يدان.