للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعلنا لا نبتعد في التعليل إذا أضفنا إلى هذا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر فاطمة رضي الله عنها أنها أول أهل بيته لحاقا به، ومعنى هذا أن وفاتها ستكون قبل وفاة زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقينا فاحتاج علي أن يكثر من ملازمتها في بيتها دون أن يمنعه ذلك من حضور الصلاة خلف أبي بكر رضي الله عنه في وقت من أوقاتها أو يتغيب عنه في مشهد من المشاهد، ويشهد لذلك خروجه معه إلى ذي القصة، حين خرج الصديق شاهرا سيفه يريد قتال أهل الردة، وما كان من إصرار علي أن يرجع الصديق إلى المدينة المنورة ليدير شؤون المسلمين وقول علي لأبي بكر: لا تفجعنا بنفسك يا أبا بكر.. الخ وأن ينيب مكانه القادة لقتال المسلمين، ففعل أبو بكر ذلك وأخذ بنصيحة علي رضي الله تعالى عنهما.

فلعل هذه الظاهرة وهي كثرة ملازمة علي لفاطمة- رضي الله عنهما -في بيتها وما يستلزمه من غياب علي من مجلس أبي بكر في المسجد، دفع بعض الناس لأن يتوهم أو يظن بسبب عدم رضا علي بن أبي طالب على انتخاب الصديق خليفة أو شيئا من هذا القبيل، فلما توفيت فاطمة - رضي الله عنها - زالت تلك الأسباب ولازم علي مجلس أبي بكر ولكي يقطع تلك الظنون والأوهام جدد البيعة لأبي بكر - رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما- وقطع بذلك الطريق على كل وهم أو ظن خاطئ، وسد كل منفذ لكل متقول أفاك.

بيعة أبي بكر الصديق كانت إلهاما من الله تعالى للصحابة:

لقد كان واضحا إلهام الله تعالى وتوفيقه للمهاجرين والأنصار في اختيارهم للصديق رضي الله عنه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

لقد كان واضحا في السرعة التي تمت فيها، وروح الإخلاص والتجرد التي سادت المناقشة في اجتماع السقيفة والتي قادت إلى سرعة الاقتناع والتسليم للحق لمل تبين على لسان الصديق.