وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد تنزل عليه القرآن نمطا فريدا معجزا من التعبير بواسطة حروف اللغة العربية، فإن من يقرأ الأحاديث النبوية يستطيع أن يلمس صورة من صور التعبير تمتاز بالابتكار والإبداع فالسنة هي المذكرة التفسيرية للقرآن، وهي المستوى الأمثل في توضيح آيات الكتاب العزيز، ومع هذا لا يستطيع أحد أن يقول إن هذا النمط من التعبير يرقى إلى المستوى الذي جاء به القرآن، فالفاصل بين الأسلوبين واضح. .
والفاصل بينهما وبين ما عرف من شعر العرب في الجاهلية والإسلام أكثر وضوحا، وقد وقف القرآن موقفا محددا من الشعر والشعراء قال تعالى:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} ومع هذا الموقف المحدد فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أثنى على الصدق في قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل.
وكان يستمع إلى الخنساء من شعرها في رثاء أخيها صخر ويقول:"إيه يا خناس"وقد أهدى بردته لكعب بن زهير حينما ألقى قصيدته يعتذر فيها من موقفه في هجائه ومعارضته للدعوة الإسلامية بعد أن أهدر دمه أثناء فتح مكة، وكان من أصحابه من الشعراء من يستمع إلى قصائده التي ينشرها بين يديه حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة.