للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد اجتمع قوم من الأنصار وفيهم سعد بن أبي وقاص، فلما سكروا وافتخروا وتناشدوا الأشعار حتى أنشد سعد شعرا فيه هجاء للأنصار، فضربه أنصاري بلحى بعير فشجه شجة موضحة فشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه: "اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا". فكانت:

المرحلة الثالثة: التحريم المطلق:

شاء الله جلت قدرته أن يكون تحريمه للخمرة تحريما مطلقا هو خاتمة المطاف في أمر الخمر وبقية المسكرات التي تأخذ حكمها، فجاء النص على هذا الشكل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [٣٢] ، وأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا التحريم بجملة من الأحاديث مبينا المزيد من التفصيلات في هذا التحريم، ومن ذلك حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله [٣٣] صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر وسكر، لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، وإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه. ."

ومن ذلك حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مدمن الخمر كعابد وثن" وحديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله: "لا يدخل الجنة مدمن خمر".

وهكذا تناهى المسلمون عن الخمر فلم ترد على خاطر، وطهروا مجتمعهم منها فلم تدخل على بيت، وفطموا نفوسهم عنها فلم تظهر على مائدة.

فلقد استجاب المسلمون لهذا القرار السماوي لأنه من عند الله ن وامتثلوا لهذا النهي لأنه وحي الدين، وحرصوا على تنفيذه في البيئة رغبة في مرضاة الله وتجنبا لغضبه.

وهذه هي جوانب الميزة التي يمتاز بها التشريع الديني عن بقية التشريعات الوضعية. فالتشريع الديني يلقى التسليم لأنه من العقيدة ويصادف الرضا لأنه من الرحمن الرحيم ويحظى بالطاعة لأنه ليس من البشر.