للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوسائل التي شرعها الله لتنفيذ أوامره وشريعته متعددة الوجوه، متنوعة الأهداف، غير أننا نشير هنا إلى وسيلتين مما يتعلق بموضوعنا هذا مبينين الجانب النفسي والتربوي الذي تحتوي عليه تلكما الوسيلتان وبيان أثرهما في وقاية الفرد والمجتمع من الخمر والمسكرات على وجه العموم. وهذا الجانب خاص بنفر قليل من الناس ممن لم يكتمل نموه الفكري، ولم تصل تربية ضميره الديني إلى المستوى المطلوب.

وهاتان الوسيلتان هما: الرقابة الجماهيرية، والعقوبة، ونتكلم عنهما فيما يلي:

الوسيلة الأولى - الرقابة الجماهيرية:

لقد وهب الله الأفراد حرية كاملة في حدود المشروع، حيث لا يمكن أن نوجد الفرد المؤثر في المجتمع إلا إذا كان هذا الفرد حرا بالقدر الذي يجعله عزيزا لا يذل، وشجاعا لا يهاب، وقويا لا يضعف.

وعندها يمكن لهذا الفرد أن يكون قادرا على أداء دوره في إتمام البناء بعد إرساء قواعده.

والحرية في الإسلام ليست انطلاقا من القيود ن بل هي معنى لا يتحقق في المجتمع إلا مقيدا.

وعلى هذا: فإن الحر حقا هو الفرد الذي تتجلى فيه المعاني الإنسانية العالية، الذي يجد القدرة على ضبط نفسه بضوابط المصلحة العامة، ويتجه بها إلى معالي الأمور.

والحر هو الذي يسيطر على إرادته ولا تسيطر عليه شهواته وأهواؤه، وإنما هو سيد نفسه إلى الحد الذي يعرف ما لها وما عليها، وإن هذه السيادة النفسية التي يتسم بها الحر: هي العنصر الأول في تكوين معنى الحرية في نفسه. وإن الذين يفهمون الحرية انطلاقا من كل القيود إنما هم عبيد الأهواء الذين لا يفهمون حق أنفسهم، ولا يراعون من المجتمع. وعلى هذا فإن قيود الحرية ترجع في مجملها إلى حقيقتين:

الأولى: هي السيطرة على النفس والخضوع لحكم العقل لا لحكم الهوى.