والثانية: هي الإحساس الدقيق بحق المجتمع على الفرد ن وبدون هذه الحقيقة تبرز الأنانية الفردية، والحرية والأنانية نقيضان لا يجتمعان.
ومما لا شك فيه أن الناس ليسوا سواء في مراعاة حرية الغير، وحق المجتمع، فإن الناس منهم الحر ومنهم الذي يدعي الحرية، لذلك كان لابد أن تقيد حرية من يدعون الحرية بقيود خارجية عن النفس بحكم القانون، وحينئذ تكون هذه القيود حماية للحرية وليست كبتا لها.
والإسلام يسعى لإيجاد مجتمع متكافل تتعاون فيه كل القوى الإنسانية بحيث تلتقي على المحافظة على المصلحة الفرد أولا، ثم يتدرج بها الأمر إلى مرحلة صيانة البناء الاجتماعي والعمل على إرساء قواعده المتراصة التي لا ينفذ الدخن من إجزائها.
وعندما يتحقق المجتمع المتكافل فإنه - بالضرورة - ينتج رأيا عاما فاضلا هو أول مظهر من مظاهر هذا المجتمع.
وللرأي العام الفاضل رقابة نفسية تجعل البشر ينطوي على نفسه فلا يظهر وتجعل الخير موقع الإعلان والظهور.
وبالرأي العام الفاضل يشعر الجماعة بقوة خفية تعينها على حفظ واجهة المجتمع نقية ناصعة، وهذه القوة هي رد الفعل الاجتماعي العام الذي يجعل من الحياة سدا بين الجريمة وبين أن تظهر أو تشيع.
ومن هنا يرى الإسلام أن الجمهور قادر على أن يقوم بدوره العام بين مبدأين أساسين، وهما:
١- مبدأ الشورى بين أطراف الأمة. وليس هذا موضوعنا هنا.
٢- مبدأ الرقابة على المجتمع.
ومبدأ الرقابة هذا حصيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من القواعد الأساسية في المجتمع الإسلامي وبذلك يكون الله قد منح الناس حق الدفاع عن أنفسهم ومجتمعهم من سيطرة الرذيلة عليه، وما يتبع ذلك من انحراف النفوس وعبث المفسدين.