للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان الوقوف في طرق خالية: فخلو المكان ريبة، فينكرها. ولايعجل في التأديب عليها، حذرا من أن تكون ذات محرم، وليقل: إن كانت ذات محرم، فصنها عن مواقف التهمة، وإن كانت أجنبية فاحذر من خلوة تؤديك إلى معصية الله تعالى.

فإذا رأى المحتسب من هذه الحال ما ينكرها تأنى وفحص ورعى شواهد الحال، ولم يعجل الإنكار قبل الاستخبار. وقد سئل أحمد - في رواية محمد بن يحيى - في الرجل السوء، يرى مع المرأة؟ قال: صح به.

وإذا جاهر رجل بإظهار الخمر، فإن كان مسلما: أراقها وأدبه، وإن كان ذميا: أدب على إظهارها وتراق عليه. لأنها غير مضمونة [٣٨] .

وأما المجاهر بإظهار النبيذ، فهي كالخمر، وليس في إراقته غرم، فيعتبر والي الحسبة شواهد الحال فيه، فينهى فيه عن المجاهرة، ويزجر عليه إن كان يعاقره، ولا يريقه إلى أن يأمره بإراقته حاكم.فإن السكران: إذا تظاهر بسكره، وسخف بهجره، أدبه على السكر والهجر تعزيزا.

الوسيلة الثانية – العقوبة:

مما سبق يتضح جليا أن الإسلام أعدم الوجود الشرعي للخمرة بالتحريم، وقضى على ضراوتها بالعقيدة، وكرهها للنفوس بوصف الخبث.

ثم عمق أزمة عدم توافرها بالمنع، وحد من شيوعها بالرقابة، وزعزع أمنها بالمحتسب، فانطوت مريبة في المواخير، وتوارت سرا في الدهاليز وجمعت حولها زمرا ليسوا من الكرام على أي حال، يتنادمون على وجل، ويتعاقرون على خوف، ويتحاببون على ريبة.

وهؤلاء هم الاستثناء من القاعدة وهم - ما استتروا- فأمرهم إلى الله إن شاء عاقبهم وإن شاء عفا عنهم.

ومن أبدى صفحته منهم واجهته العقوبة. وقد اقتضت حكمة الله أن تكون العقوبات الإسلامية مناسبة لنوع الجريمة.