وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار:"إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم"فقالوا: أموالنا بيننا قطائع.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غير ذلك؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: هم قوم لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسمونهم التمر ". فقال لله"[٩] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالت الأنصار للرسول صلى الله عليه وسلم: أقسم بيننا وبين إخواننا النخيل.. فقال الرسول: لا. فقالوا: المهاجرون - أتكفوننا المؤنة ونشرككم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا [١٠] .
نعم.. إن الإيمان الصادق. إذا صادف قلوبا. هيئت له، تمكن فيها ونما، وترعرع، وأشرقت آثاره على من حولها، وسعى أصحاب هذه القلوب المؤمنة، في بذل ما يرضي من حولهم من المسلمين.
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. من خيرة من تمسك بفضيلة الإيثار.. حرصا على أخوة الإسلام. وتواددا في ظلال الإيمان.. قال تعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[١١] . وقال تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ..}[١٢] .
فأما المكتسبة بالاتفاق.. فهي أوكد حالا، لأنها تنعقد عن أسباب تعود إليها.. والمكتسبة بالقصد. تعقد لها أسباب. تنقاد إليها، وما كان جاريا بالطبع. فهو ألزم مما هو حادث بالقصد.
أما المكتسب بالاتفاق فله أسباب..
ما له هوى إلا له سبب
يبتدي منه وينشعب
وأول أسباب الإخاء: التجانس في حال يجتمعان فيها، ويأتلفان بها، إن قوى التجانس. قوى الائتلاف به، وإن ضعف كان ضعيفا، ما لم تحدث عليه علة أخرى، يقوى بها الائتلاف.