لقد اعتاد المخالفون لهذه الطائفة الملتزمة أن يرددوا مثل هذا الكلام كلنا ارتفع لأحد أفرادها صوت بالدعوة إلى الصراط السوي، ونبذ كل ما غشيه من انحرافات واختراعات، وحجتهم في ردهم ذاك أن أعداء الإسلام يتكالبون عليه من كل صوب، فواجب المسلمين والحالة هذه أن يقفوا كل إمكاناتهم على مناجزة هؤلاء الأعداء دون أن يتحدثوا بكلمة واحدة خارج هذا النطاق ويقولون إن بلاد المسلمين غارقة في آلاف المعاصي، من الربا والخمر والفجور، وما إلى ذلك من ألوان البلاء، ففي هؤلاء فلنجاهد، ولندع كل شذوذ عن جادة الوحي يجرف إخواننا الذين لا يرون رأينا من التزام جانب الوحي دون سواه.
ويا لها من حجة عجيبة فات أصحابنا أن الشرط الأساسي في الجيش المحارب ارتباطه بوحدة الهدف، والتزامه تعاليم القيادة، وتعاون أجزائه في انسجام تام لا يشوبه الاختلاف، وإلا فما أيسر أن تتفرق كلمة هذا الجيش فيخذل بعضه بعضا وهو في صميم المعركة، ثم النهاية كارثة على الجميع.