أسألكم أيها الإخوة أليس هذا العصر هو العصر الذي انتشر فيه العلم وكثرت فيه وسائل الإعلام والتربية، وازدهرت فيه الخطابة والكتابة، وبلغت حد الشعر والسحر، وعمت الجامعات في كل مكان، وتدفق السيل من المطبوعات والمنشورات من المطابع ودور النشر، ونبغ فيها علماء وباحثون ووعاظ ومرشدون. فلماذا فقد العلماء والموجهون التأثير في النفوس والقلوب في صد تيار المادية أو الاستغلال والجشع والنهامة للمال؟ هذه البلاد العربية بما فيه البلاد المقدسة أصبحت مصداقاً لما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى خطبه قبل وفاته " ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخاف أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ".
وأخوف ما نخافأن تكتسح هذه البلاد الموجة العارمة من التكاثر في الأموال، واستغلال حاجة الناس وضعفهم والانتهازية، وهي الموجة التي لا تعرف الرحمة والهوادة، ومكارم الأخلاق التي عرف بها العرب في العصر الجاهلي، وربما يعود ذلك خطراً كبيراً على الحج ومركزه، ويمكن أن يشكل محنة للوافدين إليه، فيضطر الدعاة في صد هذه الموجة إلى مكافحة خلقية وحملة دعوية تربوية تنظم لإصلاح الحال، وإيقاظ الضمير وإثارة الغيرة الإسلامية والشعور النبيل، وتنطلق من المنابر والصحف، والإذاعة ووسائل الإعلام، وتجند لها الطاقات والألسن والأقلام.