وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ليس في الجنة من أشياء الدنيا إلا الأسماء. فالاشتراك إذن بين النوعين إنما يقع في اللغة دون الماهية.. وكذلك صفاته تعالى أطلق عليها أسماء أشياء نعرفها، والفرق بين هذه وتلك هو فرق ما بين الفاني والباقي، والناقص والكامل، تعالى ربنا عما يقول المشبهون والمعطلون علوا كبيرا.
وأخيرا.. لنقف قليلا أمام بعض هذه الأحاديث التي هي مدار الحديث.
في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:"يقبض الله الأرض ويطوي السموات بيمينه، ويقول: أنا الملك، أنا الملك، أين ملوك الأرض؟! "وفي مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه "أين الجبارون.. أين المتكبرون؟! ".
وقد ورد هذا الحديث بألفاظ أكثر تفصيلا وأشد تهويلا، كالذي رواه ابن منده وابن خزيمة وغيرهما من الأئمة عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول:"يأخذ الجبار سمواته وأرضه.. وقبض بيده وجعل يقبضها ويبسطها ويقول: أنا الرحمن، أنا القدوس، أنا السلام، أنا المؤمن، أنا العزيز، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئا. أنا الذي أعيدها. أين الجبارون. أين المكبرون؟. ويصف ابن عمر رضي الله عنه رسول الله أثناء ذلك قائلا:
"ويتميل رسول الله على يمينه وعلى شماله حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني أقول: أساقط هو برسول الله؟ !..".
ومعلوم أن أصل الحديث في قوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}(٣٩/٦٧) .
فها هنا يمين الله يمسك بها السموات والأرض.. قابضا باسطا مهددا منذرا، وقد أُخِذَ رسول الله بهول الموقف فهو يهتز يمنة ويسرة حتى ليخشى ابن عمر عليه السقوط..