أولا: تفرده بسمو التركيب وعلو الطريقة فتراكيبه أعلا التراكيب وأرفعها وطريقته هي الوحيدة في سموها وقوتها.
ثانيا: امتيازه بالدقة البالغة في اختيار اللفظ لموقعه الذي أريد له والروعة المعجزة في اختياره إلى غير ذلك من أسرار الإعجاز وحسبك أنه قد ألف فيه المؤلفات قديما وحديثا.
أن من البيان لسحرا وأن من الشعر لحكمة والأمر بهجاء المشركين
الحديث الأول:
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان سحرا"[٢١] .
معنى الحديث: إن بعض البيان يكشف الحقيقة ويوضح المشكل فيستميل القلوب ويجذبها كما يستمال بالسحر.
وهذا الحديث قاله عليه الصلاة والسلام حين قدم وفد تميم وفيه الزبرقان وعمرو ابن الأهتم فخطبا ببلاغة وفصاحة ثم فخر الزبرقان فقال: يا رسول الله أنا سيد بني تميم والمطاع فيهم والمجاب لديهم أمنعهم من الظلم وآخذ لهم بحقوقهم وهذا يعلم ذلك. فقال عمرو: إنه لشديد العارضة مانع لجانبه مطاع في أذنيه. فقال الزبرقان: والله لقد علم مني أكثر مما قال ما منعه أن يتكلم إلا الحسد. فقال عمرو: أنا أحسدك والله إنك للئيم الخال حديث المال ضيق العطن أحمق الولد والله.
يا رسول الله لقد صدقت فيما قلت أولا وما كذبت فيما قلت ثانيا، ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت ولقد صدقت في الأولى والأخرى جميعا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن من البيان لسحرا".
قال الميداني:"هذا المثال في استحسان النطق وإيراد الحجة البالغة"[٢٢] .
الحديث الثاني:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان سحرا وإن من الشعر حكما" وفي رواية: "إن من الشعر لحكمة"[٢٣] .