وهنا يتضح لنا مفهوم الجرجاني لفكرة الإعجاز، وأن مردّها جميعا هو "النظم"لذلك فهو يطلب من الباحث عن حقيقة وكنه هذا الإعجاز أن يُعمل عقله، وأن يكد فكره، ليصل عن طريق ذلك إلى المزايا والخصائص التي امتاز بها نظم القرآن ليقف عليها بنفسه، ونتيجة لإحساسه وذوقه، لا أن يقلد غيره، ويسير مع السائرين وفي هذا المعنى يقول:
"فإذا كان هذا هو الذي يذكر في جواب السائل، فبنا أن ننظر: أي أشبه بالفتى في عقله ودينه، وأزبد له في علمه ويقينه.. أن يقلّد في ذلك، ويحفظ متن الدليل وظاهر لفظه، ولا يبحث عن تفسير المزايا والخصائص ما هي؟..
ومن أين كثرت الكثرة العظيمة، واتسعت الاتساع المجاوز لوسع الخلق وطاقة البشر؟. وكيف يكون أن تظهر في ألفاظ محصورة، وكلم معدودة معلومة؟ بأن يؤتي ببعضها، في أثر بعض لطائف لا يحصرها العدد، ولا ينتهي بها الأمد، أم أن يبحث عن ذلك كله، ويستقصي النظر في جميعه، ويتتبعه شيئا فشيئا، ويستقصيه بابا فبابا، حتى يعرف كلا منها بشاهده ودليله، ويعلمه بتفسيره وتأويله ويوفق بتصويره وتمثله، لا كمن قيل فيه: