أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} ، فالنداء الإلهي أضفى عليهم صفة الإيمان فعلا، ولكنه حذرهم من عدم الطاعة في الصغيرة أو الكبيرة، وإلا بطلت أعمالهم وسلبت صفة الإيمان منهم، لقد كان مجرد رفع الصوت على صوت النبي صلى الله عليه وسلم ولو بقليل، وهو ليس في قائمة الكبائر {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيّ} أيَّ رفع، بل والتحدث إليه بالمستوى الذي يتحدث به الناس إلى بعضهم {وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض} ، إذا وقع الأمران أو أحدهما يقع معه إحباط العمل كله، حيث لم تستثن الآية منه شيئا لما قال سبحانه:{أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} أي وأنتم لا تشعرون بأن أعمالكم الصالحة قد حبطت وبذنب ظننتموه صغيرا، فيا للداهية، التي تقع اليوم أمام صاحب الحجرة المهاب صلوات الله عليه من صياح وصراخ يسمع من أقاصي المدينة يقود هذا الصراخ نعيق (المزورين) بكلام طويل لا ندري من أين أتوا به من كتبوه، يردده وراءهم المئات من الجهلة الأغرار أمام قبر سيد الأبرار صلى الله عليه وسلم، وقد التصقت جسوم الرجال بلحوم النساء في غير أدب ولا حياء، لا من الله ولا من رسوله الثاوي في حجرته المطهرة، إذا أقول بلا تحرج ولست أهلا للفتوى: إن هؤلاء الذين (زوَّروا وزُوِّروا) قد حبطت أعمالهم وهم لا يشعرون أو يشعرون، وما أظن الذين يسكتون عنهم بمنجى من سؤال الله يوما، لهذا كله كان على مستصغر الصغيرة أن يخشى على نفسه التردي من حيث لا يدري، فالحريق الكبير من شرر صغير كما يقولون، ويقابل مستصغر السيئة مستصغر الحسنة، فكما أهلكت الأولى فاعلها أنجت الثانية مؤديها، فلعقات ماء بلسان كلب رد بها ظمأه رد الله بها ساقيه أو ساقيته عن الإدراك في الهاوية، ونصف التمرة التي تستصغر حجمها وقدرها وإذا أكلت لا تشبع ولا تقنع، هي في حساب الصدقة عند