للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تتضخم حتى تسد جميع الأبواب السبعة لجهنم، وما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم هذين المثالين إلا لننسج على المنوال ونتشح بنفس السربال، فلا نستصغر شرا ولا تستقل خيرا، فهو القائل سبحانه: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} .

كنت في بلد ما، ووجه إليّ أحد الضالين سؤالا فقال: لِمَ يعذب الله الناس بذنوبهم وهو الذي شاء لهم أن يفعلوها، وكنت أعلم أن هذا السؤال هو الذي اختاروه ليجروا به البسطاء إلى الشك في عدل الله، وبالتالي يسلبونهم ما لديهم من إيمان، وكنت أعلم أيضا أنه ما سأل ليعلم، وإنما في اعتقاده ليماري ويفحم، ومع ذلك رجوت أن أشده من حفرته، ويكون هو الصيد من حيث أراد أن يصيد، لكنه ما لبث أن سمع بداية الجواب تحمل بعض الأدلة حتى رأيته يتلفت حوله كمن خاف شيئا، ثم يستأذن حتى لا يسمع بقية الجواب وأسرع مختفيا في زحام الشارع، واليوم رأيت من الضروري أن أكمل الجواب بعد أن تردد هذا السؤال على ألسنة البعض، ونعيد سؤال الذي هرب حتى لا يؤمن، لم يعذب الله الناس بذنوبهم وهو الذي شاء لهم أن يفعلوها؟، ونقول إن هذا ومن على شاكلته ممن تاه في عماه يظن أنه أتي بجديد من نضح ضلاله، فقد جهل بأننا علمنا من الله ما لم يعمل، وأن من نوعه من سيظل يتخرص بذلك على طول الدنيا، فليسمع إذا هذه الآية: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ} ، وليسمع الثانية: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}