للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه، فأسلمت وشهدت شهادة الحق، فلما رجعت إلى قومي أتاني أبي فقلت: إليك عني يا أبت فلست مني ولست منك، قال: ولم يا بنيّ؟ قلت: قد أسلمت وتابعت محمدا، قال: يا بني فديني دينك، فقلت: فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك ثم تعال أعلمك ما علمت، ثم أتتني امرأتي فقلت لها: إليك عني فلست منك ولست مني، قالت: لم؟ قلت: فرَّق بيني وبينك الإسلام، فقد تابعت محمدا عليه الصلاة والسلام، قالت: فديني دينك، فقلت لها ما قلت لأبي، ثم دعوت قوم دوس إلى الإسلام فأسلم منهم ثمانون بيتا والقصة على روعتها لا نأخذ منها إلا قوله الطفيل: "واثكل أماه، والله إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى على الحسن والقبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان ما يقول حسنا قبلت، وإن كان قبيحا تركت"، فهو رضي الله عنه استعمل حواس التعقل فيه فشاء لنفسه أن يزكيها، وقد أفلح من تزكى، فهل يبقى هذا السؤال من الزائغين: لماذا يعذب الله أصحاب الذنوب وقد شاء لهم أن يفعلوها؟ لقد أجبت بما استطعت، وسيبقى سؤالهم حتى يحيق بهم قول الله فيهم {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} ، ذلك لأنها قصة الإنسان مع ربه، لما قابل الإحسان بالعصيان.