للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما راعهم إلا رسول كريم بكتاب عزيز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.. أُحكمت آياته، وفصِّلت كلماته، وبَهَرت بلاغته العقول، وظهرت فصاحته كل مقول، وتظافر إيجازه وإعجازه، وتظاهرت حقيقته ومجازه، وتبارت في الحسن مطالعه ومقاطعه، وحوَت كل البيان مجامعه وبدائعه، واعتدل مع إيجازه حسن نظمه، وانطبق على كثرة فوائده مختار لفظه، وهم (أي العرب) أفسح ما كانوا في هذا الباب مجالا، وأشهر في الخطابة رجالا، وأكثر في السجع والشعر سجالا، وأوسع في الغريب واللغة مقالا، بلغتهم التي بها يتحاورون، ومنازعهم التي عنها يتناضلون، صارخا بهم في كل حينٍ، ومقرعا لهم بضعا وعشرين عاما على رؤوس الملأ أجمعين:

{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [٨] .

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [٩] .

{قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَات} [١٠] .

ذلك أن المفترى أسهل، ووضع الباطل والمختلق على الاختيار أقرب، واللفظ إذا نبع المعنى الصحيح كان أصعب.