ولو أن أي فارغ من الخلق قدم ابنته لأسماع الغواة وأبصارهم على ذلك النحو ولو في موكب من الآيات والذكر الحكيم لما كان لفعلته سوى أثر ضئيل يذكره الناس ثم لا يلبثون أن ينسوه، أما أن يقدم على ذلك شيخ أزهري يسمى في لغة الدواوين شيخ المقارئ المصرية، فتلك هي البدعة الشنعاء التي سيحمل إثمها وإثم من أخذ بها إلى يوم القيامة.
ولعلك قرأت فيما قرأت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:"ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها" رواه مسلم، وليس كل من ارتكب سوءا يعتبر صاحب سنة سيئة، أو يقال إنه أحدث فتقا لا يرتق، فالحشاشون كثيرون، والسكارى أكثر، وتاركو الصلاة.. والمنسلخات من آداب الإسلام بالسفور الذي ملأ ديار الإسلام إلا من رحم الله، هؤلاء كثير كثير، ولكنهم مع ذلك لا يؤلفون السنة التي يلحق وزرها صاحبها إلى يوم القيامة؛ لأنهم عديمو الوزن في قسطاس الناس، فلا يؤبه لهم ولا يتأسى بهم.. وإنما المحدثون المحشورون في زمرة الظالمين لأنفسهم وغيرهم هم الذين يحملون صفة العلم، ويظنّ بهم الفقه والفضل.. ومن أحقّ بأن يكون مظنة العلم والورع - في نظر العامة وأشباههم - من حملة كتاب الله، الهادين به في بيوت الله، الشاحنين به أمواج الأثير إلى عباد الله! ...
أجل يا شيخ محمود.. لقد سبقت كل المبتدعين إلى خرق هذا الفتق الرهيب؛ لأن تاريخ الإسلام لم يعرف قطّ واحد قبلك من كبار القراء أو صغارهم قدّم كريمته للغناء في محافل العابثين، وفي موكب من آيات الكتاب المبين!