يا شيخ.. محمود إن الذين يحاربون الإسلام وينخلعون من ربقته كل يوم كثيرون لا يحصرهم إحصاء، على حين إن الذين يلتزمون سبيله ويتفانون في نصرته هم الأقلون المضطهدون.. ولكنهم وحدهم السعداء بمرضاة ربهم؛ لأنهم الثابتون على عهد نبيّهم؛ لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة، فإلى أي الفريقين تنحاز يا شيخ محمود؟ وبأيهما تلوذ؟ فاختر لنفسك! وتذكر أنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه، فلن تنفعك فتوى فلان، ولا تصفيق فلتان، ولا تهريج علان {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} .
إن الزلّة لكبيرة يا شيخ محمود؛ فأدركها بتوبة تغسلها، وأعلن ذلك على الملأ كما اقترفتها على الملأ.. تلك نصيحتي أبعث بها إليك إبراء للذمة، وتذكيرا بالحق؛ فافتح لها صدرك، وتلقها بمثل الروح التي أملتها، ولا تكن كذلك الذي {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْم} ، {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} .
هذه الكلمات كُتبت في أعقاب السقطة الفاجعة، وكان من حقّها أن تصل إليك يا شيخ محمود على صفحات إحدى المجلات الإسلامية منذ ذلك اليوم، ولكن قدّر الله أن تحول الحوائل دون نشرها، حتى تحمل إلى قرائها بعض ذيول القصة التي بدأت بحفلة الذكرى، ولا يعلم غير الله متى وأين وكيف ستنتهي.