لقد سمحتم للشيطان أن يستحوذ على تلك المسكينة منذ أغفلتم تحصينها بعواصم الإسلام؛ فلم تجد بأسا في الاستجابة لهواتف الغواية تأخذ بخطمها إلى مهاوي الأخسرين أعمالا من أهل الفن الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وقديما قيل: إن من وضع قدمه في مزلقة الإثم لا يسعه التوقف قبل القاع، وهكذا فتنت بالغناء وغرّها ما قرأته وما سمعت من تمجيد المضللين لأهله، وإكبابهم على مسجلاتهم يستهلكون معها لياليهم، حتى يصرعهم سكر الطرب، فيسلمهم إلى نوم لا يذكرون معه ربا ولا واجبا، ووجدت - وربما وجدتم - في حنجرتها نغما يؤهّلها للحاق بركب النجوم الذين واللواتي استطاعوا أن يفرضوا سلطانهم على قلوب الجماهير العمياء، التي تكاد تتخذهم آلهة من دون الله؛ فيستولون بذلك على ثروات الأمة، ويسلبوا السفهاء وعيهم حتى لا يروا للحياة معنى بغير وجودهم، فيقتلوا أنفسهم حزنا لفراقهم.