وقد قامت دولة الإسلام بدورها العالمي، هذا على عهد النبوة وأيام الخلافة الراشدة وتدافع التيار إلى مداه أيام الأمويين والعباسيين والعثمانيين، وإن كان هذا التيار قد شابه من الكدر والدخن ما أزرى به وحط قدره حتى توقف آخر الأمر.
والمسلمون في هذا العصر يكادون يجهلون أن لهم رسالة عالمية بل أن حياتهم وفق شرائع دينهم وشعائرهم موضع ريبة وقد تكون موضع مساومة.
وأذكر أن حوارا دار بيني وبين الأستاذ علي أمين بعد ما كتب يستنكر أذان الفجر ويزعم أنه يزعج النيام المستريحين (!) قلت له: إن إيقاظ الناس للصلاة مقصود قصدا وفي أذان الفجر كلمة تقول: الصلاة خير من النوم! قال: من أراد الصلاة فليشتر منبها يوقظه ليصلي: قلت له إن جمهور المسلمين وهم كثرة هذا البلد يريدون الصلاة علانية ويردون أن يصبغوا الحياة الاجتماعية بها وأن ينظموا نومهم وانتباههم على أوقاتها فإذا شاء الكسالى غير ذلك فليتواروا بإثمهم لا أن يفرضوه على المجتمع ويطلبوا من المؤمنين التواري بدينهم.
وأشهد أن الرجل لان وتأثر واستكان وأرجوا أن قد تاب ومات مغفورا له وإنما ذكرت هذا الحوار ليعرف من جهل مبلغ ما انحدرت إليه أمتنا.
إن الشيوعية تريد أن تكون نظاما عالميا، وكذلك المادية والإباحية، وكذلك الصهيونية والصليبية أما الإسلام فإن طبيعته العالمية يراد إنكارها، وإذا تم ذلك فإن وجوده المحلي ينبغي الخلاص منه والإجهاز عليه..
وأريد أن نعرف: من نحن؟ وما ديننا؟ وما هدفنا؟ وما طبيعة جهادنا؟ إننا ورثة الإسلام وحملته وأصحاب الحضارة الوحيدة التي تعترف بالدنيا والآخرة والروح والجسد والعقل والعاطفة.