إن الذي يدعو إلى اتباع الكتاب والسنة والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهدية ينبغي أن يتبع هذا بالتطبيق العملي لما يدعو إليه، فيظهر هذا التطبيق في سلوكه وجميع أعماله، وأن يلزم المتصلين به والعاملين معه بتطبيق ما يدعو إليه وما يطبقه هو، وكل تقصير في التطبيق مدعاة للسخرية والاستهزاء، وسبب في أن تصير الدعوة غير مجدية، وغير مؤثرة في القلوب، لأن الدعاة إذا لم توافق أعمالهم أقوالهم كانوا دعاية سيئة لما يدعون الناس إليه
إن دعوة الناس إلى الخير، تقتضي أن يكون الدعاة سباقين إلى الخير، ومطالبة الناس باتباع الكتاب والسنة تستوجب أن يكون الدعاة متبعين للكتاب والسنة في جميع أعمالهم، ونهي الناس عن منكر يحتم أن يكون الناهون ملتزمين لذلك النهي مبتعدين عن المنكر في أفعالهم.
ولهذا أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل الذي سأله أن يقول له في الإسلام قولا فصلاً بقوله:"قل آمنت بالله ثم استقم".
ووصية الرسول هذه وصية جامعة لأن إعلان المسلم الإيمان بالله إثبات لولائه لله رب العالمين، واستقامة المؤمن دليل على صدقه في إعلانه الإيمان بالله، وذلك بالتطبيق العملي الدال على صدق القول والإعلان. وقد بشر الله جل جلاله الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا بالجنة في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}(فصلت: ٣٠) .