فالدين الحق تطبيق وعمل، واتباع لما أمر الله به، واجتناب لما نهى الله عنه واهتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الذين يقولون ما لا يفعلون فهم أخطر على الإسلام من أعدائه، لأنهم يلبسون زي الدعاة، ويتظاهرون بأنهم يحملون أمانة الدعوة إلى دين الله، ويطالبون الناس بالاستقامة ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، ثم تكون أعمالهم منافية لأقوالهم، فبينما تراهم ينتقدون الناس إذا خالفوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر من الأمور إذا هم في سلوكهم ومعاملاتهم يخالفون الله ورسوله، فلا يعدلون إذا حكموا بين الناس بل يميلون مع الهوى، ويستبيحون لأنفسهم الظلم وأكل حقوق الغير، ويساندون العاملين تحت إمرتهم إذا ظلموا واغتالوا حقوق الناس وحكموا بغير ما أنزل الله، ولا يلزمون أهليهم بما يدعون الناس إليه، ولا ينتقدون أولادهم إذا ارتكبوا أمراً منكراً من الأمور التي يتشددون في انتقادها إذا ارتكبها غيرهم.
هذا في الواقع ما ابتلي به المسلمون في كثير من أقطارهم، إن هؤلاء المتجرين بالدين يشبهون علماء بني إسرائيل الذين خاطبهم الله جل جلاله بقوله:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}(البقرة: ٤٤) .
إن الذين يتجرون بالدين أينما وجدوا ينطبق عليهم قول ربنا سبحانه وتعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}(الكهف: ١٠٣-١٠٤) .
إن مخالفة الداعية في سلوكه لما يدعو غيره إليه أمر يتنافى مع العقل والمنطق السليم مما يجعل دعوته تفقد قيمتها وتأثيرها، بل قد تحدث نتيجة عكسية وهذا هو الخطر الذي يتهدد شباب المسلمين من جهة هؤلاء المتجرين بالدين، الذين يقولون ما لا يفعلون.