وقد سمينا جماعة النحل بالمملكة لأن اليعسوب ملكة النحل المطاعة في الخلية تتوارث الملك عن آبائها وأجدادها. وهي أكبر جثة تكون بقدر نحلتين، تقسم الأعمال بين النحل، فهم يعرفون نظام التخصص الذي هو سمة العصر الحديث فلكل اختصاص لا يتعداه.. وكان العرب قديما يظنونها ذكرا لضخامتها ولقوتها البدنية، فهم يقولون: هو يعسوب قومه: أي رئيسهم وكبيرهم ومقدمهم.
وقوله سبحانه وتعالى {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاس} فألوانه ما بين أبيض وأصفر وأحمر، وغير ذلك من الألوان الحسنة، على اختلاف مراعيها ومأكلها منها.
وقد احتار القدماء والمحدثون في معرفة كيفية تحول الرحيق الذي ترشفه النحل من الأزهار إلى عسل حلو لذيذ سائغ للشاربين. تتغذى منه هي وأولادها وتختزن بعضه لوقت الشتاء، وهي تغطي مخازنها بغطاء رقيق من الشمع فلا يسقط منه شيء.
وقوله تعالى {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} إشارة إلى أهمية العسل كدواء، وتنبيه الناس إلى طريقة استخلاص الأدوية المفيدة من الأزهار المختلفة.
وقد كان رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم يوصي بالتداوي به فيقول:"عليكم بالشفائين: القرآن والعسل". فالقرآن علاج للأمراض النفسية، والعسل علاج للأمراض البدنية.
وقوله سبحانه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} يقول ابن كثير: "إن في إلهام الله لهذه الدواب الضعيفة الخلقة إلى السلوك في المهامه، والاجتناء من سائر الثمار، ثم جمعها الشمع والعسل وهو أطيب الأشياء لآية لقوم يتفكرون في عظمة خالقها، ومسخرها، وميسرها فيستدلون بذلك على أنه الفاعل القادر، الحكيم العليم، الكريم الرحيم".