وفي العصر الحديث في مختلف بلدان العالم المتحضر، يعكف الأطباء والباحثون على الاستفادة بالعسل كدواء لكافة الأمراض، البسيط منها والمستعصي، الباطني منها وغير الباطني، وقد وجدوا فيها مقويا عاما للأبدان، ولفت نظرهم من قديم الزمان، أن العسل يحتفظ بخواصه لا يدركه العفن ولا الفساد.
وفي العصر الحديث اكتشفوا أن الجراثيم المؤذية للإنسان إذا وضعت في العسل ماتت، فهو ينفع للعين والبطن وما حوت، وتعالج به الأمراض الجلدية والجروح المتقيحة. وهم يحاولون الآن أن يعالجوا به السرطان، هذا البلاء الذي يفتك بالإنسان، والذي حير العقول والأذهان في كل مكان.
إن الله سيكشف لعباده معجزاته في كل أوان، وسيرون أن القرآن من الرحمن الذي خلق الإنسان وعلمه البيان.
مملكة النمل:
قال الله تعالى في محكم آياته {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَي} .
فالنملة هذه المخلوقة الصغيرة الحجم الكبيرة الشأن، لها لغة تتخاطب بها فيما بينها كما أنها عاقلة ذكية، تستطيع أن تميز الأشياء، فتعرف سليمان عليه السلام بعينه ومن معه من جنوده، ثم إنها مخلوقة حازمة في أمرها لبني جنسها في أخذ الحيطة من مرور سليمان عليه السلام وجنوده من فوقهم، فيحطمونهم دون قصدهم، لأنها تعرف أنهم لم يأتوا لحربهم.
فما هو تصرف سليمان عليه السلام الذي قيل إنه سمع حديث النملة من مسافة بعيدة، قيل: إنه أمر جنوده أن يتوقفوا حتى يدخل النمل مساكنهم رحمة منه، وشفقة على مخلوقات الله الضعيفة، ثم هو يشكر ربّه الذي أنعم عليه، إذ جعله نبيّا ذا سلطان على الحيوان والجان.