روي أن رجلا استوقف المأمون ليسمع منه فلم يقف له، فقال: يا أمير المؤمنين إن الله استوقف سليمان بن داود عليهما السلام لنملة ليستمع منها، وما أنا عند الله بأحقر من نملة وما أنت عند الله بأعظم من سليمان، فقال له المأمون: صدقت. ووقف له، وقضى حاجته.
وقال فخر الدين الرازي "إن وادي النمل المذكور في الآية بالشام، وأن الله تعالى أتى بحرف الجر ((على)) لوجهين أحدهما أن إتيانهم كان من فوق، فأتي بحرف الاستعلاء. الثاني أنه يراد به قطع الوادي وبلوغ آخره".
وحكي عن قتادة أنه دخل الكوفة فاجتمع عليه الناس، قال: سلوا عما شئتم. وكان أبو حنيفة حاضرا، وهو يومئذ غلام حدث، فقال: سلوه عن نملة سليمان أكانت ذكرا أم أنثى؟ فسألوه، فأفحم، فقال أبو حنيفة كانت أنثى، فقيل له: كيف عرفت ذلك؟ فقال: من قوله تعالى: قالت ولو كانت ذكرا لقال: قال نملة لأن النملة مثل الحمامة، والشاة في وقوعها على الذكر والأنثى.
وقال السهيلي:"إن في قول النملة {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} إشارة منها إلى عدل سليمان عليه السلام وفضله وفضل جنوده إذ شعروا بهم. وقال: إن تبسمه عليه السلام كان سرورا بهذه الكلمة من تلك النملة، ولذلك أكد التبسم بقوله {ضَاحِكاً} .
إذن قد يكون التبسم من غير ضحك ولا رضا. ألا تراهم يقولون: تبسم، تبسم الغضبان وتبسم تبسم المستهزئ، وتبسم تبسم الضاحك، وتبسم الضحك إنما هو من سرور".
وقال بعض البلغاء: إنها تكلمت بعشرة أنواع من البديع: قولها: يا نادت، أيها نبهت، النمل سمت، ادخلوا أمرت، مساكنكم عينت، لا يحطمنكم حذرت، سليمان خصت، وجنوده عمت، وهم أشارت، لا يشعرون اعتذرت.