_ ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخبر أن الإقامة في هذا المسجد أفضل من الإقامة في المنازل..
_ نعم؟!.. زيديني وضوحا يا رضية، زادك الله فقها.
_ أريد أن أقول لك أن إقامتنا نحن الحمائم الدكن في هذا المسجد المبارك، وكذلك إقامة أخواتنا في المسجد الحرام لا فضل لها على إقامتك أنت في منزل أصحابك!..
وأطرقت لطيفة تتأمل في هذا الذي سمعت من صاحبتها.. وجعلت تستعيده في ذات نفسها كلمة كلمة محاولة أن تنفذ إلى أبعاده بكل ما تملك من قدرة.. وبحركة عفوية رفعت رأسها واتجهت ببصرها إلى رضية لتقول: أتقولين يا صديقتي إن إقامتي حيث أسكن كإقامتك أنت في كنف هذا الحرم المطهر؟..
_ المدينة كلها حرم يا لطيفة من عير إلى ثور.. ألا تعرفينهما؟
_ الجبلان: اللذان يعانقان المدينة من جنوب وشمال..
_ والمسجد النبوي جزء من الحرم، إلا أنه يمتاز بمنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأفضلية الصلاة فيه.. أما الإقامة..
_ نعم.. نعم الإقامة يا رضية، كيف تكون إقامتي في كنف أصحابي كإقامتك في كنف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟..
_ اسمعي يا لطيفة، وحاولي أن تفهمي ما أقوله، فلا تكوني كالذين ينظرون ولا يبصرون، ويسمعون ولا يعون..
_ سأحاول جهدي..
_ كثير منا نحن معاشر حمائم هذا المسجد المبارك يروي أباً عن جد عن أكابر علماء هذه الأمة المفضلة أن رجلاً كان يكثر من التردد على القبر الشريف للسلام على نزيله صلوات الله وسلامه عليه، فرآه أحد علماء أهل البيت المطهر فأرشده إلى الإقلال من ذلك التردد قائلا له: سلمْ على رسول الله حيث كنت يبلغه سلامك، فما أنت ورجل بالأندلس إلا سواء في هذا..