٣- أن تقريره ملائكية إبليس وما يستتبعها من استحالة تناسله قد حداه إلى القطع بأن الجن الوارد ذكرهم في السورتين لا يخرجون عن كونهم بشرا من أبناء آدم، ويركز على معنى الخفاء الذي يميز اسمهم، فيعتبر كل ساع بالخفاء في أمر ما جاناً، بل إنه ليرجح (أن هذا الفريق الذي تخفى _ عند سماعه القرآن بمكة دون علم رسول الله بهم _ هو من يثرب ومن المتأثرين بأفكار يهود بحكم مجاورتهم إياهم. ومن ثم يأتي إصراره على حصر رسالة محمد صلى الله عليه وسلم بالبشر وحدهم.
٤_ من هذا التوسع في التأويل الشخصي يمضي إلى تفسير اعترافات الجن في قولهم {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً} بالإتكاء على الكناية التي يراد بها لازم اللفظ دون حقيقته، فلا حرس ولا شهب، وإنما هو (الفصل النهائي بين الخرافة وممارستها من جانب، والحق والواقع من جانب آخر) !