العزائم المشروعة، التي كثيرا ما تنتهي بإحراق الشيطان وتصاعد دخانه رأي العين [١١] .
أما موضوع القرين فإن إنكاره إنكار لصريح القرآن الذي يقول:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} ٤٣/٣٦ ولصحيح الحديث الذي فصَّلَ مجملَ الآية بقوله صلوات الله وسلامه عليه: "ما منكم من أحدٍ إلا وقد وُكل به قرينُه من الجن قالوا: وإياك يا رسول الله؟.. قال وإياي إلا أن الله قد أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير"[١٢] .
ثم أي ذي حافظة سليمة يتذكر تجاربه الخاصة مع قرينه الخبيث وهو يوسوس إليه بزخرف القول تزييناً لمقبحةٍ أو إغراء بمفسدة، ثم لا يردد في خشوع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم"[١٣]
الإيمان بالغيب:
ويتساءل الدكتور أصلحنا الله وإياه: عن الفائدة من إيمان الجن برسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام ذلك لا يشكل حجة على مشركي مكة.. وبالتالي لا يتصل بموضوع الإعجاز القرآني [١٤] وبقليل من التفكير أيضا يتبين المتأمل في سياق الآي النازلة في هذا الأمر أنها ليست في معرض الحجاج ولا الإعجاز، وإنما هي تعزية لقلب رسول صلى الله عليه وسلم الذي يؤلمه إعراض قومه عن هدايته، فيأتي الوحي ليسري عنه بنبأ تصديق الجن به. هذا إلى أن في هذا الإيمان فائدة كبيرة لنا، إذ أن انضمام أي مخلوق إلى صف المؤمنين إنما هو قوة لهم، وإضعاف لأعدائهم، ثم يبقى ما في قبول الخير الإلهي عن ذلك من تحقيق لصفة التصديق بأنباء الوحي عن الغيب، الذي هو أحد معالم الفارقة بين الكفر والإيمان..