ومن الأعمال التشريعية التي أتى بها القرآن الكريم: تشريعات تأمين الدعوة، وتنظيم الجهاد في سبيل الله، وما يتعلق بأسرى الحرب، وتشريعات الأسرى، وما يتعلق بالزواج والطلاق والأنساب والمواريث، وسائر الأحوال الشخصية، وتشريعات العهود والمواثيق، والعلاقات الاقتصادية والمادية.. بين أفراد المجتمع من بيع وإجارة ورهن، وغير ذلك مما يندرج تحت باب المعاملات المباحة والمحرمة، ثم التشريعات الخاصة بتوقيع الجزاءات والعقوبات على الجرائم كالقصاص في القتل، وحد الزاني، وحد القاذف، وحد السارق، وحد قاطع الطريق [٤] .
وما دام الأمر كذلك.. فإن الله سبحانه وتعالى، يدعو المسلمين إلى الأخذ بما في القرآن الكريم. فهو إلى جانب ما له من فوائد تجل عن الحصر، من أكبر عوامل توحيد المسلمين، وجمع كلمتهم، ولم شملهم.. قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا..}[٥] وحبل الله كما جاء في الحديث عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"حبل الله هو القرآن".
وروى ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي سعيد الخدري مرفوعا:"كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض".
وجاء في تفسير المنار:"أن العبارة تمثيلية شبهت فيها حالة المسلمين في اهتدائهم بكتاب الله، أو في اجتماعهم وتعاضدهم وتكاتفهم، بحالة استمساك المتدلي من مكان عال بحبل متين، يأمن معه السقوط.. والمختار. هو ما ورد في الحديث المرفوع من تفسير حبل الله بكتابه. ومن اعتصم به كان أخذاً بالإسلام".
ولا يظهر تفسيره بالجماعة والاجتماع وإنما الاجتماع هو نفس الاعتصام فهو يوجب علينا أن نجعل اجتماعنا ووحدتنا بكتابه. عليه نجتمع، وبه نتحد. لا بجنسيات نتبعها، ولا بمذاهب نبتدعها، ولا بمواضعات نضعها، ولا بسياسات نخترعها [٦] .