فالله سبحانه وتعالى أوجب علينا التمسك بكتابه وسنة نبيه، والرجوع إليهما عند الاختلاف. وأمرنا بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسنة، اعتقاداً وعملاً. وذلك سبب اتفاق الكلمة، وانتظام الشتات، الذي تتم به مصالح الدين والدنيا، والسلامة من الاختلاف. وأمر بالاجتماع، ونهى عن الافتراق الذي حصل لأهل الكتابين.. [٧] .
وهناك آيات كثيرة.. تبين أن القرآن. هدى.. ونور.. وبرهان.. وشفاء.. ومن هذا قوله تعالى:{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[٨] .
والمراد بالنور هنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه النبي صلى الله عليه وسلم.. ثانيها: إنه الإسلام.. ثالثها: إنه القرآن.
والمراد بالكتاب المبين. القرآن.. ولولا عطفه على النور. لما فسروا النور إلا به. فإن الأصل في العطف أن يكون المعطوف غير المعطوف عليه، ولكن العطف قد يرد للتفسير.. وهو الذي اختاره هنا لتوافق هذه الآية وما بعدها {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً}[٩] .
والقرآن هو القاعدة الروحية التي تنطلق منها الإمدادات الإلهية والومضات السماوية.. ولهذا صار قوة فاعلة ومؤثرة، بل إن فاعليته شملت حياة الأفراد والجماعات من جميع الجوانب. وإذا كان الإنسان ذلك الكائن الحي المكلف لا وجود له، ولا حياة، بغير الروح والقلب والعقل.. فإن المسلمين لا كيان لهم، ولا حياة، ولا شخصية.. يغير القرآن فهو لهم الروح والعقل والقلب، وهو لهم الضياء والغذاء والشفاء. تنشده الأمة فتجد فيه مبتغاها من التشريعات الفردية والعلائق الأسرية، والمعاملات الاقتصادية والقوانين المدنية والأنظمة الدولية.