للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إننا نؤمن إيمانا لا يتطرق إليه الشك أن الشعوب الحية إنما تفكر بماضيها، وترتكز في حاضرها على كثير من مقومات أمجاده تستوحي منه مواقفها، وتستلهم منه مستقبلها فإن هي فقدت الثقة في ماضيها وتزعزع إيمانها بقدرة آبائها الأوائل ومؤسسي مجدها فقدت ولا شك أول مقوم من مقومات وجودها الحي ألا وهو شخصيتها.

وإن أي أمة تفقد شخصيتها أمة ضائعة منهزمة لا محالة.

وإن الهدف الأسمى لكل داع أن يوقظ في نفوس أبناء الجيل الجديد تلك الروح الجبارة التي دفعت الآباء والأجداد إلى الأخذ بكل أسباب القوة والعزة..

إن الشعوب لا تموت، وإنما تكمن قدراتها وتستكين تحت الظروف التي تمر بها. فإن هي عادت إلى مثل الظروف الأولى التي انطلقت منها قدراتها الحقيقية هبَّت من رقادها وسلكت ولا شك سبيل الحق والعزة والقوة مرة أخرى.

إن الهدف الأول من بحوث الباحثين وآراء المصلحين في كل موقع إسلامي.. هو العمل من أجل تغيير واقع الفكر المضلل الذي أوجده الاستشراق في حنايا هوة الفراغ الفكري وداخل أدمغة شبابنا ومفكرينا ومن بيدهم مقاليد أمورنا. وساعدهم على ذلك هذا العدو المتدثر بدثار الإعلام الساحر بكلمته المؤثرة وصورته الداعرة ونبض شعوره السام.

ولا أعتقد أننا بمستطيعين تغيير هذا الواقع الذي نعيشه اليوم إلى واقع أنضر وأشرق.. إلا إذا غيرنا تغييراً جذريا تلك المفاهيم المدمرة التي أرساها في نفوسنا ذلك النفر من الضالين والمضللين من أبناء الاستشراق أو الاستغراب أو الذين نقلوا مفاهيمهم وأفكاره بحسن نية أو سوء نية.

ولا سبيل أمامنا _نحن أبناء هذا الدين السماوي_ إزاء كل هذه القوى الجبارة العاتية التي تحاربنا من الخارج ومن الداخل إلا أن نعمل جاهدين على إحياء تلك القوة الكامنة في نفوسنا.. قوة الماضي بكل عناصرها.