إن المسلمين قاموا في الماضي بدور من أمجد أدوار التاريخ الإنساني.. وإنهم لأهل لأن يقوموا بمثله مرة أخرى. والخلاصة أن العلماء العرب في عصور الإسلام الزاهية، قاموا بدورهم الطليعي خير قيام في بناء النهضة العلمية العالمية، فقد نقلوا التراث الإغريقي وغيره من ألوان التراث العلمي الذي تقدم عليهم في التاريخ.. نقلوه إلى اللغة العربية التي كانت لغة العلم في العصور الوسيطة فعلى امتداد الدولة العربية الإسلامية من مشارف الصين شرقا إلى حدود فرنسا وجنوب إيطاليا غربا.. كان كل من أراد أن يكتب علما يقرؤه الناس لجأ إلى لغة القرآن الكريم، فكتب وألف بها، وظلت كتبهم في العلوم الطبيعية المراجع المعتمدة في جامعات أوربا حتى أواخر القرن السابع عشر حيث ترجمت إلى اللغات اللاتينية وما إن عرفت الطباعة في منتصف القرن الخامس عشر، حتى طبعت هذه الكتب عدة مرات، وشهد كثيرون من مؤرخي العلم من أمثال سارتون، وهولمبارد، وسميث، وكاجوري. وغيرهم بأنه لولا تراث العلماء العرب، لاضطر علماء النهضة الأوربية إلى أن يبدءوا من حيث بدأ هؤلاء. ولتأخر سير المدنية عدة قرون. وقال بعضهم إنه كان لابد من وجود ابن الهيثم والخازن والكندي وابن سيناء والفارابي والبيروني والخوارزمي، لكي يظهر جاليليو وكيلر ونيوتن وكوبر نيق.
ويدلنا تتبع الفكر العلمي على مر العصور.. كيف أثر العلماء العرب في النهضة الأوربية. وكيف تأثر علماء أوربا بأعمال العلماء العرب فقد ثبت مثلا أثر العرب في ابتكار نظام الترقيم والصفر والنظام العشري. وكيف عرف ابن النفيس الدورة الدموية الصغرى قبل هارفي بثلاثة قرون.