إن الذين يقرءون بحثك يا تلميذي العزيز ليسوا أناسا عاديين تستطيع أن تخدعهم بمثل هذه المظاهر، إنهم يقولون لك: كلما كثرت المعلومات المنقولة من المراجع في متن البحث قلّ النقد والتحليل والاستنباط وظهر عجز الباحث. فإذا أردت أن تنال رضا الناس وإعجابهم، فليكن ذلك بما يشتمل عليه بحثك من فهم عميق للنصوص، وتحليل دقيق للمعلومات واستنباط آراء جديدة سديدة تدل على بعد نظر وذكاء.
لا تستشهد في بحثك بالنصوص المنقولة الطويلة التي تبلغ الصفحة وتزيد، فإن النصوص الطويلة صدوع عميقة في بناء بحثك تفقده التماسك والتسلسل، وتضعف رغبة القارئ في مواصلة القراءة. فإذا زاد النص على ثلاثة أسطر فلا تورده في بحثك بنصه الحرفي، لخصه بأسلوبك وأشر إلى مصدره في الهامش.
على أن إيراد النصوص الطويلة يكون حسنا مقبولا إذا كان الغرض منها عرض نماذج لأدب شاعر وكاتب أو إعطاء صور من كتاب مؤلف.
لا تكثرنَّ من الإشارة إلى المراجع في هامش كل صفحة، وقد يكون الباعث على كثرة الإشارات أنك تريد أن تظهر سعة إطلاعك وكثرة مراجعك وقد يكون الباعث ضعف الثقة بنفسك، فأنت بهذه الإشارات تريد أن تلقي في روع القارئ هذه الثقة.
وأيّاً كان الباعث فالإشارات الكثيرة عبء ثقيل جداً على نفس القارئ، حين يرى عينيه تصعدان وتهبطان كلما قرأ بضعة أسطر.
أشر إلى المراجع إذا دعت حاجة ملحة إلى ذلك كأن تنسبَ إلى عالم مشهور رأيا لا يتوقع أن يصدر عنه، أو تسوق معلومات قد تثير شك القارئ في صحتها أو تردده في قبولها.
لا تكرر الآراء والمعلومات في فصول بحثك المختلفة، فالتكرار ضعف في البحث وعجز في مقدرة الباحث أن يضع المسائل والآراء في مواضعها الصحيحة الثابتة.
والتكرار إلى جانب ذلك مدعاة إلى سأم القارئ وإملاله.
يجب أن ترتب معلومات بحثك وفصوله على أساس سليم محكم، بحيث لو نقلنا فصلا من مكانه إلى مكان آخر لظهر الخلل وبان الاضطراب.