للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا الحديث الذي يردده المانعون لا وجه للتمسك به فهو كما ترى يبيح التعدد ويزيد عليه إباحة الطلاق، وما أظن الذين يتملقون المرأة خداعا ويزعمون أنهم أنصارها يرضون بهذا _ نعم فيه ما يدل على استهجان الجمع بين بنت رسول الله وبين بنت عدو الله كما صح في رواية مسلم. وهذا أبشع ما يكون من الجمع وهو على الرغم من بشاعته جار على مقتضى عاطفة الأبوة التي أرادت فاطمة أن تثيرها فقالت له كما في صحيح مسلم: "إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك".

فأي شيء أن يشارك الرسول وهو بشر ابنته فيما يثيرها؟ أي شيء في أن يطيب خاطرها _ بعد أن أثارت عاطفته بكلمة طيبة تهدئ ثائرتها؟ لقد أنصت الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة، وأفسح صدره لشكاتها وأعانها بالحيلة والقول الحسن وما كان ينتظر منه كمثل أعلى للوالد البار الحنون أن ينهرها ويغلظ لها القول ويتنكر لها في هذه الساعة.

وماذا عليه لو استرضى فاطمة بقول له فيه سعة، وفاطمة هذه ابنته الوحيدة، وهي أولا وأخيرا بنت خديجة التي أعانته في دينه ودنياه، وقد ماتت أمها وأصبح الرسول ملاذها الوحيد عليه وعليه وحده أن يبرها لأنها ابنته، ولا ملجأ لها سواه، وعليه كذلك أن يبرها وفاء بحق خديجة تلك التي ظلت تحسن إليه طول حياتها.

فماذا لو استؤذن في أن يتزوج عليها فلم يأذن وهو بعد لم يحرم حلالا ولم يحل حراما؟