وليس من الإنصاف أن نرعى واحدة ونتجاهل بقية النساء بل الواجب أن نشملهن جميعا بالعطف، ونحكم فيهن شرعة المساواة وأولى أن يشتركن جميعا في الخير من أن تنفرد واحدة به.
وهنا نحب أن نبين لماذا اهتم الشارع بإقامة العدل بين الأزواج؟ وسر ذلك أن الرجل إذا التزم به وسار على نهجه ضمن سلامة بيته ورضا أزواجه، وعطف أولاده، وأصبح من الممكن أن يعيشوا في سلام ووئام يتعاونون جميعا على جلب ما ينفعهم، ودفع ما يضرهم، فإذا اضطرب ميزان العدالة في يد الرجل تبع ذلك اضطراب البيت، وانقلب جحيما على من فيه وتحللت الأسرة، وتقوضت دعائم المجتمع، وأصبح ضرر التعدد أكثر من نفعه، وهذا لا يمكن أن يقره الإسلام أو يرضى عنه.
لكن من ذا الذي يستطيع أن يزن العدل المشروط لإباحة التعدد؟ إنه الرجل نفسه لا القاضي ولا شهادة الشهود ولا قلة المال أو وفرته. فقد تختل نظرة القاضي ويتعذر على الشهود أن يعرفوا حقيقته، ويفهموا طبيعته، ويدركوا خبيئته، فكثيرا ما حسنت أخلاق بعض الناس خارج المنزل، وساءت في داخله.
والمال عرض زائل، وعارَّية مستردة، يعلو ويهبط، وينمو ويثقل، ويكثر وينمحي فلا يصح أن يكون مقياسا وهو في غاية الاضطراب خصوصا والمولى يقول:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} .
قد يقول قائل: إن بعض الدول الإسلامية تعاني من مشكلة زيادة السكان وكثرة التناسل، ووفرة التعداد.