لقد أثارت سرية عبد الله بن جحش الرعب في قلوب المكيين، وكانت سبباً في أمرين هامين:
الأول: اتخاذ اللازم لحماية القوافل.
والثاني: تشويه سمعة المسلمين.
ولقد اضطر أهل مكة على أثر ذلك إلى أن يشددوا الحراسة على قوافلهم سواء كان ذلك داخل الجزيرة أو في خارجها، حتى بلغ عدد رجال قافلة أبي سفيان المتوجهة إلى الشام أربعين رجلاً. [٢]
كذلك استغل أهل مكة قتل ابن الحضرمي على أيدي المسلمين في الأشهر الحرم حيث قتل في شهر رجب، وأخذوا يشوهون على المسلمين، وأكثروا من ترديد ذكر الحادث محاولين بذلك إثارة سكان الجزيرة ضد المسلمين لاعتدائهم على حرمة الشهر الحرام حيث كانوا يعظمون تلك الأشهر، ويرون الاعتداء فيها خطيئة لا تغتفر.
وقد نجحت دعايتهم إلى حد ما، وأثارت جدلاً عنيفاً حتى بين المسلمين أنفسهم، وقد أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم فعلتهم، وقال:"ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام"، وعنفهم إخوانهم المسلمون على صنيعهم. [٣] وقد سقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا ولم يحسم الأمر إلا نزول الآية الكريمة:
وضعت الآية الكريمة الأمور في نصابها وأوضحت الأمر بالنسبة لموقف المسلمين، ومن ناحية أخرى أثارت دعاية المشركين المغرضين نفوس المسلمين، ودفعتهم إلى تحديد موقفهم من تجارة قريش التي تعبر حدود الدولة الإسلامية في طريقها إلى الشام، وعزموا على مصادرة كل قافلة تمر بهم، وكانت أولى القوافل قافلة أبي سفيان.