علم المسلمون بعودة قافلة أبي سفيان من الشام، واستنفر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه للاستيلاء عليها، وأسرعوا في الخروج حتى لا تفلت القافلة، فخرجوا وليس عليهم كبير سلاح، وكان عدوهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً.
وعلم أبو سفيان بخروج المسلمين لمطاردة القافلة في محاولة للاستيلاء عليها فاستأجر رجلاً وبعثه إلى أهل مكة يستنجدهم لحماية القافلة، ووصل رسول أبي سفيان إلى مكة، وصرخ فيهم منذراً بتعرض تجارتهم للوقوع في أيدي المسلمين، وأخذ أهل مكة يستعدون للخروج.
وكان أبو سفيان رجلاً خبيراً بمسالك الطريق، فطالما خرج بالقوافل في تجارة القوم وطالما سلك هذا الطريق حتى أصبح لا يخفى عليه شيء من شعابها ودورها، أفينتظر حتى تأتيه نجدة قريش؟ وقد يسرع إليه المسلمون فتقع القافلة تحت أيديهم، أم يتصرف بطريقته الخاصة محاولاً إنقاذ التجارة والنجاة بها، وقدر أبو سفيان أن نجدة قريش قد تتأخر فانحاز على بدر ومال ذات اليمين وسلك طريق الساحل. ونجا بقافلته. وجاءت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنجاة القافلة، واتجاهها إلى مكة.
أفلتت الفرصة وبقيت المواجهة:
أصبح الموقف حرجاً بالنسبة للجيش الإسلامي، وبالتالي أصبح موقف الرسول صلى الله عليه وسلم دقيقاً للغاية، فهو لم يخرج لقتال، ولم يخبر أصحابه بذلك حتى يأخذوا أهبتهم لملاقاة عدوهم، وماذا يفعل وقد خرجت قريش للحرب، ورمتهم مكة بأفلاذ كبدها؟
إن الجيش الإسلامي لا يستطيع العودة إلى المدينة دون مواجهة، لأن ذلك يعود على الدولة الناشئة بأضرار بليغة، وعواقب وخيمة، إذ لا يشك إنسان حينئذ في طمع قريش، وقد يترتب على ذلك مهاجمة المدينة، وانتهاك حرمة الدولة باقتحام حدودها ثم ماذا سيكون موقف اليهود داخل المدينة، وهم يتربصون بها وينتظرون لحظة ضعف للانقضاض عليها؟