كما أثبتت مرونة لم تعهد من قبل، وذلك بمشاورة الجنود، والنزول عند مشورتهم عندما تتبين صحة المشورة، كما حدث في مشورة الحباب بن المنذر حين أشار بتغيير مكان الجيش، فنزل الجيش بذلك أفضل موقع بالنسبة للمعركة، وحرم جيش العدو من السيطرة على ذلك المكان، كما حرم من استعمال الماء اللازم ضرورة للجيش [١٨] .
نتيجة المعركة:
إن نظرة سريعة إلى المقارنة التي أوردتها آنفاً بين الجيشين تدل على أن نتيجة المعركة لا بد أن تكون في صالح المشركين لأنهم كانوا أكثر عدداً وأعظم عدداً، وأحسن حالاً من المسلمين، ولكن هل كانت النتيجة كذلك؟؟!!
لا، إن النتيجة كانت في صالح القلة الضعيفة، ذات الأسلحة الهزيلة، والظروف السيئة - أي في جانب المسلمين - ولم يكن أحد يتوقع ذلك، لأن حساب المعارك دائماً يكون بالتفوق المادي أما الغيبيات أما قدرة الله، أما نصر الله لعباده المؤمنين، فذلك لا يدخل قط في حساب الماديين ولهذا كانت النتيجة مدهشة لكل من علم بها، إذ كيف تنتصر القلة على الكثرة؟ وكيف يهزم الضعيف القوي؟ بل كيف تتغلب فئة لم تخرج لقتال، وليس معها من السلاح إلا القليل على الكثرة المغرورة التي أعدت من السلاح وأسباب القوة ما يحقق النصر غالباً؟؟
ذلك هو ما حصل في ميدان المعركة، فلم تكد القوتان تلتقيان حتى ولى المشركون الأدبار ومنحوا المسلمين أكتافهم يقتلون ويأسرون، فكان اللقاء كما قال سلمة بن سلامة - رضي الله عنه -: "فوالله إن لقينا إلا عجائز صلعاً كالبدن المعلقة، فنحرناها"[١٩] .
ولم يكن هؤلاء العجائز الصلع إلا سادات مكة، وأشرفها، لذا تبسم - صلى الله عليه وسلم - حين سمع مقالة سلمة وقال:"أي ابن أخي، أولئك المل " أ [٢٠] .