وما لبث أن جاء أبو سفيان كما أخبره المصطفى صلى الله عليه وسلم يطلب شد العهد وزيادة المدة فيجيبه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه على العهد والمدة, لا يغير ولا يبدل, غير أن الأمر لم يفت على ذكاء أبي سفيان وحنكته وتجاربه وخبرته فلم يطمئن قلبه ولم تهدأ نفسه فبحث عن وسيلة أخرى ينقذ بها قومه, فطلب من يتشفع به إلى رسول الله فبدأ بأبي بكر الصديق رضي الله عنه فاعتذر له برفق, وذهب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأغلظ له القول ورده بعنف، واتجه إلى علي رضي الله عنه ومعه فاطمة رضي الله عنها وابنهما الحسن رضي الله عنه يلعب بين يديهما، فاعتذر له علي, وبلغ اليأس بأبي سفيان والحيرة في الأمر أن يطلب من فاطمة شفاعة الحسن لجده فتعتذر بصغر ابنها عن الأمر ثم ينصحه على نصيحة قبلها وعمل بها وليس له غيرها، فأعلن أبو سفيان في المسجد بين الناس أنه أجاره, ولكن هل يغني ذلك عنه شيئاً؟ ورجع أبو سفيان إلى قومه مهيض الجناح كسير القلب مشتت الفكر ليجد من قومه غلظة واستنكارا لإخفاقه وفشله في زيادة المدة وتمكين العهد.