قال: بم سادكم؟ قال: احتاج الناس إلى علمه واستغنى هو عن دينارهم.
منزلة ابن الجوزي في الوعظ:
اشتغل ابن الجوزي بالوعظ قرابة قرن من الزمان، وقد بلغ فيه شأواً بعيداً حتى اشتهر بذلك وعرف به.. قال ابن كثير:"تفرد بفن الوعظ الذي لم يُسبق إليه ولا يلحقُ شأوه فيه، وفي طريقته وشكله، وفي فصاحته وبلاغته وعذوبته وحلاوة ترصيعه، ونفوذ وعظه، وغوصه في المعاني البديعة، وتقريبه الأشياء الغريبة بما يشاهد من الأمور الحسية بعبارة وجيزة سريعة الفهم والإدراك بحيث يجمع المعاني الكثيرة في الكلمة اليسيرة. [٨]
وكان يسمع وعظه مرة الخليفة المستضيء العباس فالتفت إلى ناحيته وهو في درسه وقال: يا أمير المؤمنين، إن تكلمت خفتُ منك، وإن سكت خفتُ عليك، وإن قول القائل لك: اتق الله خير له من قوله لكم: أنتم أهل بيت مغفور لكم.. ثم زاد قائلاُ: "لقد كان عمر بن الخطاب يقول: "إذا بلغني من عامل ظلم فلم أغيره فأنا الظالم، كما كان رضي الله عنه يضرب بطنه عام الرمادة ويقول: "قرقري أولا تقرقري فو الله لا ذاق عمرُ سمناً ولا سمينا حتى يطعم سائر الناس".
ومن مناجاة ابن الجوزي: "إلهي لا تعذب لسانا يخبر عنك، ولا عينا تنظر إلى علوم تدل عليك، ولا قدماً تمشي إلى خدمتك، ولا يداً تكتب حديث رسولك, فبعزتك لا تدخلني النار فقد علم أهلها أني كنت أذب عن دينك"..