ومحي الدين يوسف هذا هو الذي بنى المدرسة الجوزية بدمشق.. وإلى هذه المدرسة ينسب والد الإمام ابن القيم لأنه كان قيماً عليها، وبعض الناس يخلطون بينه وبين ابن الجوزي حتى أنه طبع كتاب أخبار النساء لابن الجوزي ونُسب إلى ابن قيم الجوزية وذلك من غفلة النساخ ودور النشر.. مع أن بين وفاة ابن الجوزي ووفاة ابن قيم الجوزية ستين سنة والأول بغدادي والثاني دمشقي. [١١]
دروس من حياة ابن الجوزي لطلاب العلم ودعاة الإسلام:
إن حياة ابن الجوزي لتعد قدوة لطالب العلم، ونموذجاً للعالم المسلم والواعظ المرشد ونوضح ذلك في الآتي:
١ – الصبر على متاعب التحصيل وحياة الشظف، والاشتغال بلذة العلم وحلاوة المعرفة فإن في ذلك سلوى عن كل مفقود، وقد رأيت ابن الجوزي كان لا يجد ما يأتدم به فيأخذ الرغيف اليابس ولا يأكله إلا عند الماء ليستعين به على بلع الطعام، ومع ذلك حول كل همته إلى طلب العلم.
٢ - إدمان القراءة وكثرة المطالعة.. ولقد حاول ابن الجوزي جاهداً وصادقاً أن يقرأ كل ما تقع عليه عينه، وهكذا الطالب المجد، والداعية الحصيف، إنه مدمن قراءة، وصديق للكتاب به يأتنس، وله يلازم الصحبة، ولسان حاله يقول:
أنا من بدل بالكتب الصحابا
لم أجد لي وافياً إلا الكتابا
يقول ابن الجوزي:"سبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب، وأن يكثر من المطالعة، وعلى الفقيه أن يطالع من كل فن طرفاً من تاريخ وحديث ولغة وغير ذلك، فإن الفقيه يحتاج إلى جميع العلوم فيأخذ من كل شيء منها مهماً.."[١٢] .
ثم يقول مخبراً عن نفسه وحاله:"ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتاباً لم أره فكأني وقعت على كنز، ولو قلت: إنني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر وأنا بعد في الطلب"، أي في مرحلة طلبه العلم.