٣ - وكان من نشاطه العلمي أن يسعى إلى العلم حيث وجد لا يضن بمجهود مهما عظم يقول:"لم أترك أحدا ً ممن يروي ويعظ، ولا غريباً يقدم إلا وأحضره، وأتخير الفضائل، ولقد كنت أدور على المشايخ للسماع فينقطع نفسي من العدو لئلا أسبق". [١٣]
٤ - ومما ينبغي أن يلتفت إليه، أن ابن الجوزي كثيراً ما كان يهتم بالربط بين العلم والعمل ربطاً وثيقاً، ومن نصيحته لابنه "إياك أن تقف صورة مع العلم دون العمل به، فإن أقواماً أعرضوا عن العلم بالعمل فمنعوا البركة والنفع به، وعلى قدر انتفاعك بالعلم ينتفع السامعون، ومتى لم يعمل الواعظ بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل الماء عن الحجر) . [١٤]
٥ - وكانت الأمانة العلمية جزءاً من منهجه يقول: "وإذا سئلت عما لا تعلم فقل الله أعلم"وكان يعيب على العلماء الذين يفتون بلا علم حفظاً للمظاهر، ومن كلامه "إن كثيراً من العلماء يأنفون من قول (لا أدري) فيحفظون بالفتوى جاههم عند الناس لئلا يقال جهلوا الجواب, وإن كانوا على غير يقين مما قالوا.. وهذا نهاية الخذلان، وقد روي عن مالك بن أنس رحمه الله أن رجلاً سأله عن مسألة فقال:"لا أدري"، فقال:"سافرت البلدان إليك! "فقال: "ارجع إلى بلدك وقل سألت مالكاً فقال: لا أدري".
فانظر إلى دين هذا الرجل وعقله، كيف استراح من التكلف، ومن إثم القول بغير علم".
٦ - وكان يكره الجدال في المسائل التي تثير الفرقة بين المسلمين وتبلبل أفكارهم، يقول في منهاج القاصدين تحت منكرات المساجد: "ومن ذلك ما يجري من الوعاظ في المساجد من الأشياء المنهي عنها كالخوض في الكلام الموجب للفتن والاختلاف".
٧ – وكان يتطلب الدليل على كل ما يلقى إليه، أو يسمع به، أو يطالعه، ولا يخضع لتزييفات ولا ينخدع ببريق الأسماء، وإنما كان يقول كما قال الإمام علي رضي الله عنه "إن الحق لا يعرف بالرجال، ولكن اعرف الحق تعرف أهله".