عرض ابن كثير وصاحب (فتح القدير) لأقوال الأئمة في تفسير {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} فلم يرد منها ما يؤدي مذهب الدكتور في قليل ولا كثير، بل تكاد تتفق على أن المراد بالإسراف هو ما جاوز أمر الله في الصدقات حتى لا يخرج المنفق من المؤمنين عن كل ماله فينتهي إلى الفقر. وهو تقدير لا مندوحة عن قبوله لأنه النتيجة المنطقية لما تقدم في الآية من قوله تعالى {.. وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا..} .
وقد نقل ابن كثير عن ابن جريج أن الآية نزلت في ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه إذ جذّ نخلاً له فقال:"لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته", فأطعم حتى أمسى وليس له ثمرة [٢] , وهكذا جاءت الآية تحمل للمؤمنين حكماً ينظم علاقتهم ويضبط تصرفاتهم في نطاق الصالح العام.
ب – ويورد الدكتور في قوله تعالى - من سورة النحل - {وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ}(الآية:٧١) فيقدم للآية بقوله: "إن القرآن الكريم جعل السيد صاحب المال والرقيق المملوك له متساويين في مال السيد..", ثم يستدرك بعدها بقوله:"والمساواة بينهما قطعاً لا تكون في (الملكية) وإنما في المنفعة) ..".