وفي هذا التخريج بعدٌ عن التفسير الصحيح للآية الكريمة، فقد تضافرت أقوال المفسرين قديماً وحديثاً على أن هذا مثلٌ ضربه الله لسوء تصرف المشركين في رزق الله، إذ يجعلون لآلهتهم الباطلة جزءاً منه فيقرعهم على ذلك بأن أحداً منكم لا يشارك مملوكه في زوجته وفراشه وملكه فكيف ترضون لربكم ما لا ترضون لأنفسكم؟ [٣] ، ويعقب شيخنا المرحوم صاحب (أضواء البيان) على هذا المعنى بقوله: "ويؤيده أن (ما) في قوله: {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} , نافية, أي ليسوا برادي رزقهم عليهم حتى يسووهم مع أنفسهم، وإذا لم يكن ثمة مجال لصرف (ما) إلى غير النفي فكل محاولة لتقرير غير هذا المعنى لا تعدو أن تكون ضرباً من التحكم.
وإذا هذا ذهب القرطبي وسائر المفسرين قدامى ومحدثين، فالآية إذن تقريع للمشركين على تصرفهم الأحمق الذي لا يستند إلى منطق، وهي كذلك تقريع مستمر لكن من يسلك سبيلهم في صرف حقوق الله إلى سواه، ليس في المال فقط بل في كل شيء على الإطلاق. فمن أين جاءت فكرة المساواة في (الملكية) أو (المنفعة) بين المالك والمملوك؟ لا شك أنها (زلة) استجر الكاتب إليها ضوضاء العملاء الذين يشحنون الجو من حوله بمصطلحات الاشتراكية والماركسية وما إليها..