للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جـ – وتستبد فكرة المساواة بذهن الدكتور حتى ليمدها إلى مصير المؤمنين في الآخرة فيورد الخبر الآلهي: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (الحجر:٤٧) , ثم يفسر مضمون الآية الكريمة بقوله: "إنهم متساوون في المنزلة والدرجة فهم متقابلون في المنزلة", وإنه لتفسير لا سند له من فهوم السلف الذين قرأوا في كتاب الله عن منازل المؤمنين في جنات النعيم أن {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللهِ} (٣: ١٦٣) ، {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} (٤٦: ١٩) , و {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً} (١٧: ٢١) , واستيقنوا بالعلم القطعي الواصل إليهم في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب..".

وفي تفسير ابن كثير وغيره للآية ما يشبه الإجماع على أن المراد بالذين نزع الله ما في صدورهم من غل هم العشرة المبشرون بالجنة من أصحاب رسول الله, وهي رواية ابن عباس رضي الله عنه كما في فتح القدير وغيره, وفد تعددت الروايات عن علي رضي الله عنه أنه قال: "فينا والله أهل الحنة نزلت"وفي إحداها خص بالذكر إخوانه الراشدين الثلاثة. [٤]

وفي تفسير {عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} جاءت الروايات متضافرة عن جمع من المفسرين وأهل الحديث وكلهم عن زيد بن أبي أوفى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنهم المتحابون في الله في الجنة ينظر بعضهم إلى بعض" [٥] ويزيد هذا وضوحاً وتوكيداً ما أخرجه أبو داود والترمذي عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي "يقول الله تعالى: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء" [٦] فتكون السرر هي المنابر النورانية.