وحول موضوع التفاوت بين درجات المؤمنين في الجنة يقول الشهيد صاحب الظلال معقباً على قوله تعالى:{وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}"فمن شاء التفاوت الحق، ومن شاء التفاضل الضخم، فهو هناك في الآخرة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون".
وما أعلم أحداً من كبار أئمة التفسير ذهب في فهم الآيات إلى غير هذه الوجهة، أو أشار من قريب أو بعيد إلى ثمة تساوياً بين نزلاء الجنة في المنزلة والدرجة، وهو يعلم أنّ جهنم دركات وأن الجنة درجات، وأن لكل عمل قل أو جل جزاءه العدل.
د – بقيت ملاحظة أخيرة على خاتمة المقال الذي نحن بصدده..
يقول الدكتور حفظه الله:"وأول ما يدعو إليه الإسلام هو رفع الصراع الداخلي في النفس وإزالته بجعل النفس لوامة وليست أمارة بالسوء، فإذا ارتفع الصراع النفسي الداخلي ارتفع تبعاً لذلك صراع الطبقات في المجتمع لأنه لا توجد طبقات عندئذ..".
ففي هذه الخاتمة تقرير حاسم لا يتفق مع الواقع، ولذلك لا يحسن إمراره دون مناقشة.
وأول المآخذ في هذا الكلام حكمه بأن القضاء على الصراع الداخلي في النفس هو رأس الأمر في الدعوة الإسلامية، دون أن يوضح السبيل إلى ذلك، وكان على الكاتب أن يبرز أول كل شيء دور التوحيد الخالص في تصحيح النفس وإنقاذها من التمزق بين مختلف التيارات.
ثم يأتي حصره النفس البشرية بين اللوامة والأمارة، ونسي أن هناك النفس المطمئنة أيضاً، وكل من الثلاث قد ورد ذكرها ووصفها في كتاب الله، وقد سبق الباحثون من مفكري الإسلام قديماً وحديثاً إلى الكلام الشافي في هذه القوى الثلاث بينوا صلة كل منهم بالأخرى، وعملها في سلوك الإنسان وموقف الإنسان منها.