٣ – أما موضوع صراع الطبقات فله شأن آخر، ذلك أن الدكتور يعتبر بقاء الطبقات نفسها على بقاء الصراع الذاتي, ولهذا يقدر لها الزوال بمجرد تصحيح الوضع النفسي، وهو ما يخالف الواقع، ذلك لأن الإنسان في سعيه من أجل العيش، ثم في جهاده من أجل القيم التي يؤمن بها صائر لا محالة إلى التوزع الطبقي، فضلاً عن التفاوت في ميدان المواهب والقدرات والخبرات التي تسوقه إلى الكينونة الطبقية.
أجل. . ذلك هو المجتمع البشري، جسم واحد إلا أنه كذلك مجتمع من الأعضاء تتفاوت في أقدارها وأحجامها وآثارها, ويكمل بعضها بعضاً في كل ما يتطلب من الجسم الحي, وكل محاولة لإزالة هذا التنوع من جسم المجتمع لا مردود لها سوى تدميره كله.
لقد أزهقت الشيوعية في الاتحاد السوفيتي والصين عشرات الملايين من الأنفس، واجتاحت في فيتنام وكمبوديا مئات الألوف من المعارضين، وبلغ ضحاياها في أنغولا حتى تسيطر هذه الكلمات سبعين ألفاً، وفي أثيوبيا يقوم سفاحها منجبستو بمذابح يومية في صفوف من يسميهم أعداء الثورة.. وستستمر هذه المجازر في كل بلد تسلل إليه هذا الوباء الشيطاني تحت مظلة النضال ضد الطبقية، وبدعوى إقامة المجتمع الخالي من الطبقات سوى طبقة البروليتارية، ومع ذلك فكل ما انتهت إليه هذه المذابح الهائلة لا يتعدى تثبيت أنواع جديدة من الطبقات يلتهم بعضها بعضا، وتستأصل كل واحدة جذور الأخرى كلما وجدت إلى ذلك سبيلاً.