للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أن سورة النساء مهدت السبيل لتحريم الخمر، حيث جاء فيها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُون..} الآية [١٠] , وسورة المائدة حرمتها ألبتة، فكانت متممة لشيء فيما قبلها، وذلكم في قوله تعالى في المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [١١] .

الرابع: أن معظم سورة المائدة في محاجة اليهود والنصارى، مع ذكر شيء من أمر المنافقين والمشركين، وذلك ما تكرر في سورة النساء، ولا سيما في آخرها، فذلك من أقوى المناسبات وأظهر وجوه الاتصال بين السورتين، كأن ما جاء منه في المائدة مكمل ومتمم لما جاء في النساء.

هذا وفي كل من السورتين - فوق ما تقدم - طائفة من الأحكام العملية في العبادات، والحلال والحرام، كآيتي التيمم والوضوء، وحكم حل المحصنات من المؤمنات، والأمر بالقيام بالقسط، والشهادة بالعدل, من غير محاباة لأحد، والوصية بتقوى الله تعالى.

وهنا سؤال يفرض نفسه وهو: لماذا يحرص كثير من المفسرين على ذكر العلاقات والمناسبات التي تربط بين سور القرآن الكريم بعضها ببعض؟ وهل يلزم وجود مثل هذه العلاقات والمناسبات بين آيات القرآن بعضها مع بعض؟ على معنى أن تكون هناك مناسبة بين كل آية وسابقتها ولاحقتها ومناسبة وصلة بين كل سورة وسابقتها ولاحقتها كذلك؟